ما هو تعفن الدماغ؟ دليل الوالدين

هل سبق لك أن سمعت ابنك المراهق يقول شيئًا كهذا؟
- "ما هذا يا سكيبيدي؟"
- "أعطوه ضريبة الفانوم"
- "لقد كتبت إعلان الاعتماد على ريز."
- "إنه سيجما كامل، لا يكذب"
إذا بدا لك أيٌّ مما سبق مشابهًا، فربما ترى ما يُعرف الآن عمومًا بـ"تعفّن الدماغ". اختارت دار نشر جامعة أكسفورد "تعفّن الدماغ" كلمة العام لعام ٢٠٢٤. ويعني ذلك التشتت الذهني أو التدهور المعرفي الذي يشعر به الناس بعد قضاء وقت طويل في مشاهدة محتوى غير مفيد على الإنترنت. يميل المراهقون إلى استخدام المصطلحات العامية والتعبيرات الفيروسية التي يلتقطونها على وسائل التواصل الاجتماعي، وتيك توك، وألعاب الفيديو، وغيرها من المواقع المتخصصة.
تعفن الدماغ: كلمة العام في أكسفورد وما تعنيه لدماغك
تعفن الدماغ ليس مرضًا طبيًا أو تشخيصًا سريريًا. بل هو اختصار ثقافي لما يحدث عندما يتلقى الدماغ تحفيزًا مفرطًا من تصفح الإنترنت المتواصل، والأفلام القصيرة، والميمات السخيفة، والمحتوى منخفض الجودة. تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي هذه الأيام الكثير من الرسائل الممتعة، وإن كانت متكررة وسطحية. قد تبدو هذه الرسائل غير ضارة، لكن كثرة استخدامها قد تُصعّب التركيز، والتحكم في المشاعر، والحفاظ على الصحة النفسية.
أظهر استطلاع أجراه مركز بيو للأبحاث في 2025 أن 78% من المراهقين الأمريكيين يشعرون بالحاجة إلى التحقق من هواتفهم كل ساعة. ويزعم ما يقرب من نصفهم أن الإفراط في استخدام الشاشات يُصعّب عليهم التركيز. ويُعدّ تدهور الدماغ سببًا ونتيجةً لهذا التغيير في السلوك.
كيف يؤثر تعفن الدماغ على حياتك اليومية ووقت فراغك
على سبيل المثال، كنت أعتقد أن ابني اخترع عبارة "فقط في أوهايو" لأنه كان يرددها كلما رأى شيئًا غريبًا في رحلة لزيارة عائلته. اتضح أن ذلك كان جزءًا من ميمٍ متداول. جعلني هذا أفكر في كم من مفرداته مستمدة مما قرأه على الإنترنت. هذه العبارات التي تُستخدم مرارًا وتكرارًا، والمصطلحات التي تُفسد العقل، انتشرت بسرعة وأصبحت جزءًا من أسلوب حديث المراهقين.
يمكن أن يؤثر هذا النوع من استخدام وسائل الإعلام على كيفية حديث الشباب وتفكيرهم، وحتى كيفية تفاعلهم مع العالم من حولهم، حتى لو لم تتمكن من رؤيته بشكل مباشر.
كيفية اكتشاف أعراض تعفن الدماغ وتأثيراتها على الصحة العقلية
لا توجد علامة محددة لتعفن الدماغ، ومع ذلك يقول الكثير من الناس أنها كذلك:
* ضباب ذهني أو بطء في التفكير * عدم القدرة على التركيز * انخفاض القدرة الإدراكية * الرغبة دائمًا في التمرير أو التحقق من الشاشة * الشعور بأن لديك الكثير لتفعله كل يوم المزيد من القلق أو الانفعال
كشف استطلاع رأي أجرته شركة Common Sense Media أن المراهقين يقضون في المتوسط 7.5 ساعات يوميًا في استخدام الشاشات خارج الأنشطة المدرسية. ويقول 62% من الآباء إنهم لاحظوا أدلة على وجود انزعاج عاطفي لدى أطفالهم بسبب استخدامهم المفرط للوسائط.
ما نوع المحتوى الذي يُسبب تعفن دماغك؟
المواد المُعَطَّلة، أو المعلومات رديئة الجودة، هي نوع من المحتوى سهل القراءة ولكنه لا يُجدي نفعًا. فهو لا يُحفِّز الدماغ على العمل بجهد أكبر أو يُساعده على النمو. إليك بعض الأمثلة:
* مقالات مثيرة للاهتمام بعناوين مثيرة للغاية * مقاطع فيديو تفاعلية لا تضيف أي شيء جديد * مقاطع فيديو فيروسية على TikTok تحكي نفس النكات مرارًا وتكرارًا * ميمات سخيفة ومقاطع فيديو مضحكة عن المراحيض * مواد مؤثرة تشجع على طرق غير واقعية للعيش
* محتوى يجعلك عاطفيًا جدًا أو غاضبًا * إعلانات تبدو وكأنها ترفيهية
تُظهر أبحاث علم الأعصاب من 2025 أن الشباب الذين يتعرضون لمحتوى مُحفِّز للدوبامين مرارًا وتكرارًا قد يُصابون بفقدان الحساسية، ما يعني أن أدمغتهم تحتاج إلى مزيد من التحفيز للحصول على نفس درجة المكافأة. وهذا يجعلهم أكثر عرضة للإدمان على وسائل الإعلام.
كيف يؤثر تعفن الدماغ والإفراط في استخدام الشاشات على المراهقين وجيل Z
ليس من الغريب أن نرى المراهقين في المدرسة مدمنين على هواتفهم، غافلين عما يدور حولهم. ما كان في الماضي أوقاتًا مملة تُثير الإبداع والفضول، أصبح الآن أوقاتًا يتصفح فيها الناس الصور الساخرة واللغة الشائعة. عندما يقضي الشباب كل وقت فراغهم في مشاهدة التلفزيون أو لعب ألعاب الفيديو، فإنهم يُفوِّتون فرص التفاعل مع الآخرين على مستوى أعمق أو التفكير بهدوء.
عادةً ما يقول الأطفال الذين يقضون وقتًا طويلاً أمام الشاشات:
* صعوبة في إنجاز الواجبات المنزلية * صعوبة في التركيز في الفصل * صعوبة في إجراء مناقشات ذات معنى * قصر فترة الانتباه * الشعور بالسوء عند عدم الاتصال بالشاشات
تقول الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال أن الأطفال يجب أن يقضوا ساعتين فقط يوميًا على الشاشات من أجل المتعة، لكن الدراسات الاستقصائية تكشف أن المراهق العادي يقضي حاليًا أكثر من ثلاث ساعات يوميًا على الشاشات من أجل المتعة.
تعفن الدماغ: كم من الوقت أصبحنا نقضيه أمام الشاشات؟
لم يكن لدى الأجيال السابقة نفس القدر من الوصول إلى التلفزيون أو أجهزة الكمبيوتر العائلية المشتركة. أما اليوم، فيمتلك المراهقون والأطفال الصغار هواتف وأجهزة لوحية وأجهزة تلفزيون متعددة وأجهزة ألعاب، وكلها تجذب انتباههم. هناك وفرة مفرطة في المحتوى. تنشر تطبيقات ومواقع التواصل الاجتماعي يوميًا ملايين الفيديوهات، وكثير منها سخيف أو مكرر أو سطحي عمدًا.
حتى الأشياء التي تبدو غير ضارة، مثل تعليقات الألعاب أو الفلاتر المسلية، قد تؤذي عقلك إذا أفرطت في مشاهدتها. ومع أن المصطلحات الدارجة قد تتغير (من "رائحة باتمان" إلى "سكيبيدي بوب نعم نعم")، إلا أن المشكلة الرئيسية واحدة: محتوى مُصمم للترفيه لا للتغذية.
كيف ينتشر تعفن الدماغ إلى التطبيقات والمنصات المختلفة
ينتشر فساد العقول بسرعة على مواقع مثل يوتيوب وتيك توك وإنستغرام وتويتش. يمكن لميم واحد أن ينتشر حول العالم في يوم واحد. يردد المراهقون عبارات مثل "التلاشي التدريجي المنخفض" أو "ذكر سيجما" مرارًا وتكرارًا دون معرفة مصدرها. تصبح هذه المصطلحات رمزًا اجتماعيًا، ووسيلة للتواصل بين الشباب، مما يمنعهم من التفكير بعمق.
حتى من لا يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي يمكنهم تعلم هذه الكلمات بمجرد التواجد مع أصدقائهم. ومع ازدياد مشاهدة الناس للإعلام، يصعب عليهم التخلص من إرهاق عقولهم.
كيف يمكن للوالدين المساعدة في مكافحة تدهور الدماغ من خلال تقليل وقت الشاشة
لا تقلق في البداية. تدهور الدماغ لا يعني بالضرورة ضعفه الدائم. لكن هذا يعني أنه يجب عليك الانتباه إلى الوقت الذي يقضيه طفلك على الشاشات. إذا كان طفلك دائمًا مشتتًا، أو يغضب عند عدم استخدامه للإنترنت، أو يبدو أنه يفقد اهتمامه بالأشياء، فقد يكون الوقت قد حان لوضع قواعد أكثر صرامة.
وفيما يلي بعض الطرق للقيام بذلك:
* لا تسمح لطفلك المراهق بامتلاك هاتف ذكي أو الوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي مباشرةً. * أنشئ مناطق خالية من التكنولوجيا أو روتينًا خاليًا من الشاشات في المنزل. * تحدث معه عن أنواع الأشياء التي يشاهدها. * شجع الهوايات التي تتطلب التركيز والصبر، مثل القراءة أو الفن أو الرياضة. * حدد حدودًا زمنية لتطبيقات أو منصات معينة.
يقول تقرير غالوب حول سلوك الشباب ##___3## أن العائلات التي فرضت قيودًا ثابتة على وقت الشاشة لاحظت تحسنًا بنسبة 42% في مدى استقرار مزاج المراهقين وزيادة بنسبة 37% في عدد المراهقين الذين يقومون بواجباتهم المدرسية.
الوعي بتعفن الدماغ وآثاره طويلة المدى
يمكن أن يؤثر تدهور الدماغ الرقمي على أي شخص، وليس المراهقين فقط. كما يتصفح البالغون مواقع التواصل الاجتماعي أو يتنقلون بين علامات التبويب دون تفكير. عندما يحدث ذلك، اعترف به. خصص وقتًا للتفكير مع طفلك. "هل سبق أن شعرتَ بضبابية ذهنية بعد مشاهدة الكثير من تيك توك؟" أو "ما نوع المعلومات التي تُشعرك بتحسن؟ ما الذي يُشعرك بالتعب؟"
ليس الهدف جعل المراهقين يشعرون بالسوء لحبهم للوسائل الرقمية، بل مساعدة الأطفال على أن يصبحوا أكثر وعيًا ويتعلموا التمييز عندما يصبح استخدام الوسائط غير ممتع ويصبح عادة.
بإمكاننا مساعدة الجيل القادم على حماية صحتهم العقلية ومدى انتباههم وقوة أدمغتهم من خلال الاعتراف بالمشكلة ومعرفة كيفية عملها وتناول طعام صحي.
يمكننا التغلب على تعفن العقول باستخدام شاشة واحدة في كل مرة.